عرض مشاركة واحدة

عمر محمد الأمين
:: عضو نشـــط ::
رقم العضوية : 3
الإنتساب : May 2010
المشاركات : 3,281
بمعدل : 0.64 يوميا

عمر محمد الأمين غير متواجد حالياً عرض البوم صور عمر محمد الأمين



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العام
افتراضي مشروع الجزيرة أمانة في أعناق الاجيال القادمة (1)--- صلاح الباشا
قديم بتاريخ : 05-03-2018 الساعة : 08:03 PM

مشروع الجزيرة أمانة في أعناق الاجيال القادمة (1)

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صلاح الباشا

من المعروف أن هنالك مجموعة من المشاريع الزراعية التي كان لها إسهامها الاستراتيجي في مسيرة الاقتصاد السوداني عبر تاريخه الحديث وتعتبر تلك المشاريع من أكبر المرتكزات الاقتصادية الصلبة في السودان بما تمتلكه من أصول ثابتة مرتفعة القيمة عبر كل الأزمنة ، إضافة إلي تراكم الخبرات الإدارية والفنية والحرفية التي كانت تضمها ، فضلاً علي ما ظلت تقدمه من خدمات اجتماعية للمجتمع الذي تتواجد فيه ، فتنهض تلقائياً بالأحوال المعيشية والصحية والتعليمية في ذات المناطق ، مما يقود إلي استقرار السكان في تلك المناطق الجغرافية المحددة . ويأتي - بالطبع-علي رأس تلك المشاريع مشروع الجزيرة وامتداد المناقل حيث يحتوي المشروع علي إثنين مليون فدان تستزرع بنظام الدورة الزراعية المعروفة، وكما يعلم العديد من أهل السودان أن هذا المشروع قد تم اختيار موقعه الحالي عن طريق شركة السودان الزراعية ( Sudan Plantation Syndicate) وهي شركة قد تم تسجيلها في لندن في بداية
عهد الإدارة الإنجليزية للسودان مع بداية القرن العشرين، أي منذ بداية الحكم الإنجليزي المصري للسودان بعد دخول حملة كتشنر والقضاء علي دولة المهدية في موقعة كرري عام 1898م وما بعدها ، حيث كانت التجارب الأولي لتلك الشركة هي زراعة القطن تحديداً ، وقد تمت تلك التجربة بعد عدة دراسات جغرافية وطبغرافية حيث كان الاختيار قد وقع علي قيام المشروع في منطقة الزيداب ( غرب نهر النيل) في قلب منطقة الجعليين بالشمالية ، غير أن الشركة الزراعية قد اكتشفت فيما بعد أن الرقعة الزراعية هناك ضيقة ومحدودة وغير قابلة للتوسع نظراً للامتداد الصحراوي الذي يحيط بمنطقة مشروع الزيداب من جهة الغرب ، وكانت الكمية المنتجة من الأقطان بمشروع الزيداب الزراعي لا ترضي طموح الشركة الزراعية ، فلم تكن تكفي حاجة المصانع الإنجليزية في لانكشير وليفربول وليدز حيث تتركز صناعة المنسوجات التي كانت بريطانيا العظمي تشتهر بها في أسواق العالم في ذلك الزمان فجاءت فكرة البحث حول نقل التجربة إلي منطقة الجزيرة المروية الحالية نظراً لاتساع الأراضي وانبساطها وخصوبتها وجودتها ، وهي كما نعلم ( تربة طينية) خصبة لوجودها بين النيلين الأزرق والأبيض، فضلاً علي وقوع الجزيرة المروية داخل حزام منطقة السافنا حيث يتوفر هطول الأمطار التي تستمر طوال فصل الخريف لفترة ثلاثة أشهر في السنة ، وأيضاً لتوفر إمكانية إنشاء سدود ( خزانات) لحجز المياه علي النيل الأزرق لخلق نظام الري الانسيابي ( ترع وقنوات) ، وهنا أتت الاستفادة من شيئين ، هما فتح ترعة رئيسية من الخزان ( في سنار) لتمر عبر أراضي مشروع الجزيرة كي تتفرع منها ترع وقنوات صغيرة لري الأراضي وتتوغل داخل الأراضي الزراعية (الغيط)، والشيء الثاني هو لتوليد الطاقة الكهربائية المائية من خزان سنار ، ومن المعروف أن الطاقة المائية هي من أرخص أنواع الطاقة في العالم .
تأسس المشروع وتم افتتاحه رسمياً في عام 1925م بعد اكتمال إنشاء الخزان في سنار والانتهاء من حفر الترع والقنوات الفرعية (أبوعشرينات) وإقامة القناطر الصغيرة لحجز المياه وفتحها عند الحاجة لري الاراضي، وتم التخطيط لتأسيس التفاتيش والأقسام وبناء كل مستلزمات العمل من مساكن للعاملين بمختلف أحجامها وإنشاء المخازن والورش والمحالج الضخمة في كل من مارنجان والحصاحيصا ، ثم الباقير في وقت لاحق ، كما تم تأسيس أحدث شبكة نقل داخلي لترحيل الأقطان من الغيط ( الحواشات) إلي منطقة المحالج عن طريق تخطيط قيام أكبر شبكة نقل بضائع محلية في أفريقيا وهي (سكك حديد الجزيرة- الترماي ) تتبع للمشروع فقط وتم استجلاب القاطرات والمقطورات المسطحة التي تنقل جوالات القطن من الغيط للمحالج تفادياً للترحيل باللواري المكلفة اقتصاديا ، كما تم تأسيس محطة الأبحاث الزراعية في ودمدني لتناط بها المهام العلمية والبحثية في تحسين البذور والتقاوي لبذرة القطن علماً بأن البحوث الزراعية كانت في سنوات المشروع الأولي هي التي تقوم بكامل العمليات الزراعية قبل إنشاء الإدارة الزراعية بالمشروع
، وبمرور السنين أصبح مشروع الجزيرة من أكبر مناطق جذب العمالة في السودان من كل القبائل خاصة من أهل شمال السودان ، كما جذب إليه مختلف تخصصات أبناء العاصمة المتعلمين ، بل أصبح منطقة جذب للعمالة الأفريقية من عدة دول مجاورة لعمليات الزراعة ولقيط القطن ، ولقد كان أهل شمال السودان هم العماد الأساسي لعمليات الإنتاج بالمشروع ، ومن هنا أتت أهمية محصول القطن كمحصول نقدي اشتهر به السودان في منظومة التجارة الدولية وقد كان يسمي بالذهب الأبيض ، وأصبح صادر القطن لوحده يشكل ثمانين بالمائة من دخل البلاد من العملات الأجنبية ولمدة ثمانين عام متصلة ،فضلاً علي التطور الذي رافق توسع المشروع عاماً إثر عام مع تطور وسائل الحياة الاجتماعية بكافة اشكالها لسكان الجزيرة والمناقل ،مثل حفر الآبار الارتوازية ونقاط العلاج في الشفخانات ومراكز تعليم الكبار ورياض الأطفال والأندية الرياضية والاجتماعية في كل قري الجزيرة وحملات مكافحة الملاريا طوال السنة وحملات التطعيم الإجباري ضد الأمراض المعدية حيث يوجد مجتمع المزارعين .
كل تلك المنجزات كان يقدمها المشروع من صافي عائدات القطن عن طريق إدارة الخدمات الاجتماعية بالجزيرة حيث كانت تخصص لها نسبة معينة (إثنين بالمائة) من ناتج أرباح بيع القطن. ... نواصل ،،،،،
+++
[email protected]


رد مع اقتباس