|
|
المنتدى :
منتدى السياسة والفكر والأدب
محمد المكي إبراهيم - سيمدون أيديهم لنقيدها.. شعر
بتاريخ : 09-22-2019 الساعة : 01:21 PM
سيمدون أيديهم لنقيدها..
محمد المكي إبراهيم - شعر
++++
سجلوا في دفاتركم
أنني أتنازلُ عن حِصتي في الطحين
وعن حصتي في الوقود
وعن حصتي في غبار الوطن .
طائعا أتنازل عنها لأجل الطفولةِ والعُشبِ
والقفزاتِ الكبيرةِ نحو النجوم القصية
حيث لا جوع أو مرضا أو مهانة
وحيث الدساتير مكنونة في المصارف
في غرفِ الكنز
حيث يكون الدخول عليها حراما على الحلل العسكرية.
****
خذوا ما تبقى من المائدة :
النساء النضيرات والعملة الوافدة
والحشيش الذي تتعاطون سراً
والنفاق الذي تتعاطون جهراٍ
خذوا ما تريدون وانصرفوا
واتركوني أشيد لي وطناٍ فوق أنقاض هذا الهراء.
***
راح أبناء جيلي لجنتهم أو جهنمهم
والبنات اللواتي بكينا بأبوابهن تحولن جيلاً قديماً
وتقولون لي: لا يجوز التغزل في جَدة سبقتنا إلى عالم النسل
أبناؤها الآن معنا أو بجانبنا أو مع طرف آخر
يخوضون مستنقع الموت والقتل ضد طغاة عواجيز أو ضدنا
*****
والطغاة العواجيزلا يولدون كما يولد الناس بل يصنعون
يصنعون إذا بلغوا الأربعين أو إذا بلغوا رتبة الكولونيل
عندها يتلقون بعض الدروس السريعة في الرقص والابتسام
ومن البرمجيات تأتي بقية تعليمهم
برمجيات مغروسة في الذراع وفي البطن أو في الدماغ
بعدها يؤخذون إلى غرف الصقل حيث ينبطحون عرايا فينتزعون خصوبتهم
ويعطونهم طاقة الجنس والاشتهاء
فقد وجدوا أن كون الرئيس عقيماً يقارب كون الرئيس عظيماً
فنحسبها غلطة في الهجاء
ثم ينتزعون مشاعرهم كلها ما عدا حاسة الخوف :
خوف الطريدة في ظلمة الغاب إذ هي تسمع خشخشة الموت
في كل هبة ريح
وفي كل همسة عشب لصاحبه أو أخيه
قبل أن يقضموا قضمة قبل أن ينهشوا نهشة
يتحقق ضباطهم أي ضباطهم وضع السم فيها
ما نسميه نحن التوجس يدعونه حاسة الأمن
****
وأنا ضامن لك أن الشوارع اخطر مما تظن
إنها تتذكر كل حكايات أيامنا المجفلة
من قتيل إلى قاتل لقتيل جديد
وقاتله بالضرورة اسم جديد يضاف إلى القائمة
كم أضعنا من الوقت في البحث عن ميتة الشهداء لأنفسنا
كم أضاعوا من الوقت في قتلنا.
***
إنني لست ضد التقاتلِ - فلنقتتل
بالكلام وبالفكر واللكمات الخفيفة
مثلما في ملاكمة اللومبياد
حيث يحتسبون النقاط ولا يأخذونك بالضربة القاضية
*******
وهمو لا يكفون عن ضربنا
في زنازينهم يشتمون أباك وأمك
بل يشتمون الإله الذي يدعون محبته
والذي نهضوا لإنقاذه من براثننا الجاهلية
******
نحن لا نحسن القتل
لسنا بلاشفة أو دواعش
وخوفا من القتل نعفو ونصفح عمن ينادي بتقطيع أوصالنا
كل ذلك كي نخرجَ للناس في هيئة الأنبياء
وفي هيبة الأولياء وفي رقة الشعراء
زُهدُنا يتمدد من كِسرة الخُبزِ إلى
جُبة الصُوف ِ إلى
شهوة القتل والسحل خلف إمام جديد
****
انتظر
إن قنبلة الغاز ليست ألاعيبَ ناريةَ تبهج الناظرين
وهي لا تتدحرج ملفوفة في غلاف الهدايا
بل تفح فحيحاً كما الأفعوان.
الشوارع ليست لنا ولا نحن أبناؤها
حين ندخل تغلق بعض الحوانيت أبوابها - يتجمد ماء الشهامة فيها
وتظل تراقبنا مقشعرة الجلد خائفة أن نهشم لوح الزجاج المصفح
أو نمد يداً لنخربش سيارة عابرة
والبيوت التي فتحت نفسها لتخبئنا صلبوا أهلها
واستباحوا حماها.
الشوارع ليست لنا ولا نحن أبناؤها
نحن ابناء المدارس والبيوت المتاخمة. وفي أوقات سابقة كانت الشوارع مملوكة للمشردين وأطفال الشمس ولكنهم كبروا وأصبح بعضهم يعملون عند سلطات الأمن لقاء بعض النقود وأصبحوا يتلثمون لإخفاء ملامحهم من عيون أمهاتنا وعن أيديهن التي دأبت على التصدق عليهم ببقايا طعام البارحة
بالتجربة والخطأ وعن طريق الكر والفر أصبح أولادنا قادرين على امتلاك الشوارع لبرهة من الزمان قبل ان تقتحمها عليهم هراوات الشرطة وشاحناتها
يقيمون متاريس متنقلة لتأمين المداخل وقبيل انسحابهم منها يشعلون الحرائق في الإطارات القديمة تاركين للهبها ودخانها أن يعلن للآخرين أننا كنا هنالك وانسحبنا بخسائرنا وجرحانا فنحن نعمل وفق قوانين تلزمنا بعدم الرد على العنف بالعنف
اسألوا الشباب فهم أكثر دراية وتجربة
سلوا هذه الجميلة كيف تدخل دار أبيها وأعضاء جسمها تئن تحت الكدمات والسجحات
سلوا ولداً عاد للبيت مضروبا داميا وروى كيف بسطوه في قاع حافلتهم البوكس
وشوهوا ظهره وذراعيه
إلا أن ضحايانا كلهم من الشباب الذين تنمو جلودهم من جديد وتتحول كدماتهم إلى سجل تاريخي لما كان
****
هذه سنة الكون
أن يتفتح ورد وفي موسم الصيف يذبل شيئا فشيئا
ثم يولد ورد جديد
إن ما تشهدون من الورد نحن غرسناه
نحن سقيناه
واليوم هب ينافح عنا
فاذكروا أنه ليس من العدل أن تفصلوا الورد عن غصنه
وعن ِشوكه وبتلاته
***
معنا الآن سرب النساء البواسل
سرب البنات الامازون إذ يتلقفن قنبلة الغاز طازجة
ثم يبعثنها وهي ملفوفة في الدخان لمن أرسلوها.
بعد حين سينجبن جيلا جديدا
ويدربنه على السير نحو النجوم القصية
إلى حيث لا جوع أو مرضا أو مهانة
إلى حيث يلمع في الأفق بيرقنا من جديد
++++++
[email protected]
|
|
|
|
|