.::||[ آخر المشاركات ]||::.
كتب صديق عبد الهادي: بعض قضايا... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 10233 ]       »     تنعي منتديات وادي شعير المغفور... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 9049 ]       »     بمزيد من الحزن والأسى تنعى منت... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4339 ]       »     تنعي منتديات وادي شعير المغفور... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4018 ]       »     كتب صديق عبد الهادي: وما الذي ... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 13246 ]       »     من الواتساب: أقوال منسوبة للشي... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 5014 ]       »     تنعي منتديات وادي شعير المغفور... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4502 ]       »     الراكوبة: لجنة للتحقيق في بيع ... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 2 - عدد المشاهدات : 9500 ]       »     الراكوبة: تكوين لجنة تمهيدية ل... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6986 ]       »     الراكوبة: محافظ مشروع الجزيرة ... [ الكاتب : عمر محمد الأمين - آخر الردود : عمر محمد الأمين - عدد الردود : 2 - عدد المشاهدات : 8851 ]       »    



الإهداءات

العودة   منتديات وادي شعير الأقسام العامة منتدى السياسة والفكر والأدب
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

هشام طه مساعد
:: عضــو متميِّــز ::
رقم العضوية : 21
الإنتساب : May 2010
المشاركات : 258
بمعدل : 0.05 يوميا

هشام طه مساعد غير متواجد حالياً عرض البوم صور هشام طه مساعد



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتدى السياسة والفكر والأدب
افتراضي الى مصر وأهلها (منقول)
قديم بتاريخ : 06-11-2013 الساعة : 09:48 AM

أخر الليل - أسحاق احمد فضل الله


في تاريخنا كله.....!!
----------------------
-----------------
> آهـ يا مصر..
> بعد ضربة يونيو بيوم.. عبد الناصر كان أول هاتف خارجي له هو حديث مع أزهري..
> ناصر يحدِّث أزهري تسعين دقيقة.. وكأنه يبكي عنده
حدَّثه عن السوڤيت.. ومصر حين تطلب أسلحة من هناك يعود إليه السفير ليبلغه أن إجابة السوفيت هي
: لا نستطيع تزويد مصر بالسلاح قبل أن نعرف الأسباب التي جعلت القيادة العسكرية تترك السلاح السوڤيتي في العراء.. أكفأ وأحدث سلاح في العالم.. ليصبح الأمر هزيمة للسوڤيت قبل مصر..
قال عبد الناصر لأزهري
: قلت للسوڤيت إن هذا الوقت لا يصلح للإجابة عن بعض الأسئلة
قلت لهم.. ليس بين إسرائيل والقاهرة إلا أن يتقدم الطابور الإسرائيلي.. فقط.. وطلبنا السلاح
> والسفير السوڤيتي يعود ويقول
الكرملين تطلب الثمن قبل التسليم!!!
قال السفير.. أو قطنًا.. بحيث لا تتحرك دفعة من السلاح إلى الشاطئ إلا بعد صعود دفعة من القطن إلى السفينة
> هكذا قال حرفياً
> وناصر يحكي ساعة ونصف.. وأزهري يقول.. نعم.. نعم.. وكأنه يهدهد الرجل الحزين.. الحزين
> والسودان.. يعلن أن كل شيء في السودان لمصر
> ويفعل ما قال
> بعدها كان هاتف أزهري في جلسته ذاتها يجعل الملك فيصل يسكب المال لمصر لشراء السلاح..
> والأمير الصباح في الكويت.. مثلها
> ويجمع مؤتمر الخرطوم
> وناصر حين يهبط الخرطوم تكتب صحف الغرب في دهشة عارمة
.. ناصر المهزوم يُستقبل في السودان استقبال الفاتحين
> كان السودان كله يتدفق في الخرطوم «لرفع الروح المعنوية» لمصر..
> السودان يعرف السلاح المناسب في الوقت المناسب
قال الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن الذي ننقل عنه تفاصيل ما جرى.. قال المحجوب
: عبدالناصر حين دعاني لمنزله يدخل بعد عشر دقائق.. ويعتذر بأن جيكوب مالك أطال البقاء
قال ناصر للمحجوب
: دعوتك لأنني أريد شخصاً أستطيع أن أُفرغ أمامه ما في قلبي
> كان متعباً وحزيناً جداً
>والمحجوب يقدم الحل
> والسودان يطفئ حرب اليمن التي كانت حربًا بين ناصر والسعودية
> ويجعل قوات مصر «60» ألف رجل في اليمن يغادرون اليمن
لم يكن الأمر سهلاً.. فالمحجوب حين يهبط جدة يلقاه سفير السودان ليقول إن
: الملك فيصل ليس مستعداً للحديث حول قضية اليمن
> والأمير عبد الله يلقى المحجوب ليقول
: أرجو ألا تكون قادماً للحديث مع أبي في قضية اليمن
> والمحجوب يقول
: ولم لا..؟ ما الذي يمنع؟
قال عبد الله: المصريون لا يحفظون اتفاقاً
قال المحجحوب
> يا عزيزي الأمير.. الأمر الآن أكبر من مصر.. وجودنا كله في خطر
> والملك فيصل الغاضب من سفه الإعلام المصري «أسوأ ما عرف العرب من إعلام» يستقبل المحجوب ليقول
> بالطبع أعرفك.. جيداً وأحفظ لكم بدوري أعظم التقدير وفوق ذلك أعرف أنك بصفات العربي النبيل الذي حين يجد خصمه جريحاً فإنه لا يقتله.. بل يعالجه.. ثم يعرض عليه ما يعرض
> الملك فيصل.. في أغرب أسلوب للمحادثات يعطي المحجوب ورقه وقلمًا.. ويجعل المحجوب يجلس خلف مكتبه ــ مكتب الملك.. ويقول
: اكتب ما تريد
> والمحجوب يكتب
> يكتب كل ما يصلح مصر والمصريين.. دون سطر واحد لصالح السودان.
..........
..........
> هذا سطر واحد من كتاب السودان تجاه مصر.
> نرجو أن يتكرم أي مصري بكتابة سطر واحد صنعت فيه مصر خيراً للسودان.. في تاريخه كله.



توقيع هشام طه مساعد

نحن أبناء الوادى فليكن الوادى نصب أعيننا وقسما جماعيا بأن لا نضن عليه بشئ



عمر محمد الأمين
:: عضو نشـــط ::
رقم العضوية : 3
الإنتساب : May 2010
المشاركات : 3,281
بمعدل : 0.64 يوميا

عمر محمد الأمين غير متواجد حالياً عرض البوم صور عمر محمد الأمين



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : هشام طه مساعد المنتدى : منتدى السياسة والفكر والأدب
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-15-2013 الساعة : 04:50 AM

أخطأنا بحق إثيوبيا والسودان.. أغرقنا 24 قرية سودانية ودمرنا مليوني نخلة،


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

فهمي هويدي

ينبغي أن نعترف بأننا في مصر أخطأنا في حق إثيوبيا والسودان.. حين سارعنا إلى التصعيد مع الأولين دون مبرر، وحين أسأنا الظن بالآخرين أيضا دون جدوى. وأرجو أن يعد ذلك من قبيل المراجعة ونقد الذات، الذي لا يلغي أي تحفظات على مواقف الأطراف الأخرى.

في هذا الصدد فإنني أخشى أن تكون أجواء الهرج والانفعال التي تسود مصر في الوقت الراهن قد ألقت بظلالها على تعاملنا مع ملف سد النهضة، الذي تحول إلى مفاجأة صادمة وفرقعة كبيرة مازالت أصداؤها تتردد قوية في خطاب السياسيين وتعليقات الإعلاميين. إذ ليس مفهوما مثلا كيف تفاجأ مصر بالحدث بعدما تم بناء 21٪ من مشروع السد، وأين كانت حين بدأ تنفيذ الخطوات الأولى للمشروع؟ وليس مفهوما أيضا أن ترفض مصر يوما ما فكرة بناء السد الإثيوبي حين كان مقترحا أن يستوعب 14 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق، ثم تثور ثائرة المسؤولين المصريين حين أعيد تصميمه ليستوعب 74 مليار متر مكعب، ونقرأ أخيرا أن خبراء وأساتذة الهندسة الهيدروليكية يطالبون الآن بألا تزيد كمية المياه التي يحتجزها السد في حدود 14 مليار متر مكعب فقط، وهي ذات الكمية التي رفضتها القاهرة من قبل.

لقد نشرت الصحف أن وزير الخارجية المصرية سوف يسافر إلى العاصمة الإثيوبية غدا لكي يواصل الحوار مع المسؤولين هناك بخصوص الموضوع، وتلك خطوة جيدة ومطلوبة لا ريب، رغم أنني لا أشك في أن مهمته لن تكون سهلة، بسبب التراشق والتراكمات السلبية التي حدثت في مجرى العلاقات بين البلدين خلال الأسابيع الأخيرة، التي أضعفت فرص التفاهم وكادت تقطع الطريق على محاولات الفهم المشترك.

حين يذهب وزير الخارجية المصري فإنه سيجد أن خطوات بناء السد صارت حقيقة ماثلة على الأرض، وأن المشروع تحول إلى قضية قومية وثيقة الصلة بالكبرياء الوطني في إثيوبيا، وسيواجه بحقيقة أخرى مفادها أن مطلب وقف بناء السد الذي دعا إليه البعض لن يجد آذانا صاغية إذا لم يقابل بالصد والاستهجان. وإذا أراد لمهمته أن تنجح فليس أمامه من مخرج سوى إقناع الإثيوبيين بجدوى التفاهم حول الموضوع. ولا سبيل لإتمام ذلك التفاهم إلا بطي صفحة التشوهات التي أصابت علاقات البلدين، والتنصل من الإساءات التي صدرت من القاهرة بحق الإثيوبيين والاتفاق على وقف التراشق الإعلامي بين الطرفين وقررا أن يوقفا الحملات والتصريحات المتبادلة بينهما.

أما حدود التفاهم المفترض فهي تتوقف على المدى الذي يمكن أن تبلغه استعادة الثقة المنشودة ليس فقط بين القاهرة وأديس أبابا، ولكن أيضا بوجود الخرطوم مع العاصمتين.

إن كثيرين يتصورون أن قضية سد النهضة هي الملف الوحيد العالق بين الدول الثلاث، في حين أنه يشكل بندا واحدا في سجل العلاقات الذي يتضمن أيضا ملف مبادرة حوض النيل وملف اتفاقية التعاون بين دول حوض النيل الشرقي. ويشكل التعاون المفترض في إطار الاتفاقية الأخيرة فرصة للتفاهم ومعالجة بعض تداعيات مشروع سد النهضة. علما بأن أي جهد يبذل مع إثيوبيا لن يكتب له النجاح إلا إذا تم بتنسيق تام بين القاهرة والخرطوم. وهو ما ينقلنا إلى النقطة الأخرى التي أشرت إليها في البداية، والمتمثلة في إساءة الظن بالخرطوم. الذي يتعين تصويبه بسرعة. وأحدث تجليات تلك الإساءة أن بعض الصحف المصرية ذكرت أن السودان تخلى عن موقف التنسيق مع مصر في موضوع النهضة، الذي تعرضت له من قبل. وتساءلت عن مدى صحة الخبر. وقد تلقيت تعليقات عدة حول ما كتبت بعضها معاتبا وبعضها متهما القاهرة بأنها ترى مصالحها فقط ولا تضع مصالح السودان في الاعتبار.

وقد ذكرني بعض القراء بأن بناء السد العالي في مصر أدى إلى إغراق 24 قرية سودانية وتدمير مليوني نخلة، ولم تستفد منه السودان من أي جهة، لكنه كان ضارا بها من كل ناحية، ومع ذلك فإن السودان سكت ولم يعبر عن أي استياء أو غضب. وفي حالة سد النهضة فإن السودان يرى فيه فوائد كثيرة منها أنه يجنبه الفيضانات ويزيد من طاقته الكهربائية ويخفف من عبء الطمي الذي يعاني السودان منه كل عام. في الوقت نفسه فإن تضرر السودان من أي أخطاء في بناء السد الإثيوبي أمر أخطر بكثير مما يمكن أن يصيب مصر. مع ذلك فإن الخرطوم شديدة الحرص على استمرار التنسيق مع مصر، وهم يشكون من تراخي البيروقراطية المصرية في دفع ذلك التنسيق وتنشيطه. ليس لدي رد على تلك الملاحظات، لكني أجدها جديرة بالتسجيل، على الأقل حتى لا يستمر سوء الظن بالخرطوم وحتى نستمع إلى وجهة النظر الأخرى.



عمر محمد الأمين
:: عضو نشـــط ::
رقم العضوية : 3
الإنتساب : May 2010
المشاركات : 3,281
بمعدل : 0.64 يوميا

عمر محمد الأمين غير متواجد حالياً عرض البوم صور عمر محمد الأمين



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : هشام طه مساعد المنتدى : منتدى السياسة والفكر والأدب
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-17-2013 الساعة : 07:05 AM

السودان بين سدِّ النهضة والسدِّ العالي: تعقيب على الأستاذ فهمي هويدي.

بقلم: د. سلمان محمد أحمد سلمان
[email protected]

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

1
اندهشتُ كثيراً وأنا أطالعُ مقال الأستاذ فهمي هويدي بعنوان "أخطأنا بحق إثيوبيا والسودان...أغرقنا 24 قرية سودانية ودمرنا مليوني نخلة" المنشور "بصحيفة الشرق" بتاريخ 15 يونيو عام 2013، والذي قامت صحيفة الراكوبة الالكترونية مشكورةً بإعادة نشره في نفس اليوم. كان مصدر دهشتي أنني أقرأ لأول مرةٍ اعترافاً صريحاً من أحد الكتاب المصريين البارزين بارتكاب مصر أخطاء في علاقاتها النيلية ليس فقط مع السودان، ولكن حتّى مع اثيوبيا.
كتب الأستاذ هويدي "وقد ذكرني بعض القراء بأن بناء السد العالي في مصر أدى إلى إغراق 24 قرية سودانية وتدمير مليوني نخلة، ولم تستفد منه السودان من أي جهة، لكنه كان ضارا بها من كل ناحية، ومع ذلك فإن السودان سكت ولم يعبر عن أي استياء أو غضب. وفي حالة سد النهضة فإن السودان يرى فيه فوائد كثيرة منها أنه يجنبه الفيضانات ويزيد من طاقته الكهربائية ويخفف من عبء الطمي الذي يعاني السودان منه كل عام."
وقد أوضح المقال أيضاً حالة الارتباك التي صاحبتْ ومازالت تصاحب ردّة الفعل المصرية المتعلّقة بسدّ النهضة حين ذكر "وليس مفهوما أيضا أن ترفض مصر يوما ما فكرة بناء السد الإثيوبي حين كان مقترحا أن يستوعب 14 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق، ثم تثور ثائرة المسؤولين المصريين حين أعيد تصميمه ليستوعب 74 مليار متر مكعب، ونقرأ أخيرا أن خبراء وأساتذة الهندسة الهيدروليكية يطالبون الآن بألا تزيد كمية المياه التي يحتجزها السد في حدود 14 مليار متر مكعب فقط، وهي ذات الكمية التي رفضتها القاهرة من قبل."
وقد رأينا أن نعلّق على مقال الأستاذ هويدي بالتوسّع في تناول المضار التي لحقت بالسودان جراء قيام السدّ العالي الذي بنته مصر، وشرح الفوائد التي سيحقّقها السودان من سدّ النهضة الاثيوبي الذي تعارضه مصر، ونترك للقارئ حرية المقارنة بين تأثيرات كلٍ من السدّين على السودان.

2
كانت نتائج السدّ العالي الكارثية على السودان في حقيقة الأمر أكبر بكثير مما تضمّنه مقال الأستاذ فهمي هويدي. فقد أدّى قيام السدّ العالي إلى الترحيل القسري لأكثر من 50,000 من السودانيين النوبيين، وعلى إغراق مدينة وادي حلفا و27 من القرى شمال وجنوب المدينة التي عاش فيها هؤلاء المهجّرون وآباؤهم وأجدادهم لعشرات آلاف من السنين. وقد غرقت مع تلك القرى 200,000 فدان من الأراضي الزراعية الخصبة وأكثر من مليون شجرة نخيل وحوامض في قمة عطائها. واندثر مع كل هذا أيضاً آثارٌ لا تقدّر بثمنٍ لحضاراتٍ امتدت عبر حوض النيل شمالاً حتى ضفاف البحر الأبيض المتوسط في افريقيا وآسيا. وقد فقد السودان كذلك معادن من حديدٍ وذهب لا أحد يدري حتى الآن كميتها وقيمتها التقديرية، وشلالات كان يمكن أن تولّد أكثر من 650 ميقاواط من الكهرباء، غرقت كلها في بحيرة السد العالي إلى الأبد. وفقد النوبيون المهجّرون جزءاً كبيراً من تراثهم، وثقافتهم، وتاريخهم، وفقدوا أيضاً مراتع طفولتهم وقبور أحبائهم وضرائح أوليائهم.
وقد أصرّت مصر على دفع 10 مليون جنيه مصري فقط كتعويضٍ للسودان عن كل ما سيفقده في منطقة وادي حلفا جراء بناء السدّ العالي. ولم تنجح توسّلات السودان، الذي أوضحتْ حساباتُه أنه يحتاج إلى 35 مليون جنيه لإعادة التوطين القسري لأهالي حلفا، سوى في زيادة التعويض المصري إلى 15 مليون جنيه. وحدث ذلك فقط بعد رفع الأمر إلى الرئيس عبد الناصر كوسيطٍ بين الطرفين بعد تعنّت الجانب المصري المفاوض. وقد أوضحت الأيام صدق حسابات السودان، إذ كلّفته إعادة توطين أهالي حلفا أكثر من 37 مليون جنيه، أي حوالى 250% مما دفعته مصر.
ثم عاد السودان بعد كل هذا وقَبِل النظرية المصرية التي انبت على أن السدّ العالي سوف يكون لمصلحة مصر والسودان. فقد نصّت الفقرة السادسة من اتفاقية مياه النيل لعام 1959 على أن "انتفاع الجمهوريتين بنصيبهما المحدد لهما في صافي فائدة السدّ العالي لن يبدأ قبل بناء السدّ العالي الكامل والاستفادة منه." وقد أكّد هذا الموقف السيد وزير الزراعة والري السوداني في المؤتمر الصحفي الذي عقده بالخرطوم في يوم 4 ديسمبر عام 1959 حين قال "ويجب ألا يغيب عن البال أنه لولا التخزين المستديم بالسدّ العالي لما تيسر لكل من السودان ومصر الحصول على نصيب ثابت من مياه النيل نظراً للتذبذب في حصيلة النيل."
كان غرض مصر من فرض نظرية أن السدّ العالي لمصلحة مصر والسودان هو أن يتقاسم معها السودان مناصفةً فاقد التبخر من بحيرة السدّ العالي. وقد حدث ذلك بالفعل ونجحت الاستراتيجية المصرية، وفقد السودان نتيجة ذلك خمسة مليار متر مكعب من المياه هي نصف العشرة مليار التي تتبخّر سنوياً في بحيرة السدّ العالي. ورغم إصرار مصر أن السدّ العالي قد تم بناؤه لمصلحة مصر والسودان فإن السودان لم ينل أي جزءٍ من كهرباء السدّ العالي الضخمة والتي تجاوزت 2000 ميقاواط.
ثم زاد السودان على كل كرمه هذا ووافق عام 1959 على إعطاء مصر "سلفة مائية من نصيب السودان في مياه السدّ العالي." وقد جعلت هذه السلفة التي لم يستردها السودان حتى اليوم نصيب السودان 17 مليار متر مكعب من مياه النيل البالغة في أسوان 84 مليار متر مكعب. عليه فإن نصيب السودان بعد كل تلك التنازلات كان وما يزال حوالى 20% فقط من جملة مياه النيل.


3
لكن كما ذكرنا مراراً من قبل فإن استخدامات السودان من مياه النيل لم تتجاوز 12 مليار متر مكعّب في العام خلال الخمسين عام الماضية. وهذا يعني أن السودان قد فشل منذ توقيع اتفاقية مياه النيل في 8 نوفمبر عام 1959 في استخدام حوالى 350 مليار متر مكعّب من نصيبه من مياه النيل التي عبرت حدودنا شمالاً إلى الأشقاء في مصر.
وقد كتب إليّ أحد الإخوة المهندسين من السودان موضّحاً أنه نتيجة انهيار البنية التحتية للري في مشروع الجزيرة بسبب تراكم الطمي الذي يحمله النيل الأزرق من اثيوبيا فقد قلّت استعمالات السودان من مياه النيل، موضحاً أنها الآن لا تتجاوز 11 مليار متر مكعّب في العام.
4
لقد كان المبرّر لكل تلك التنازلات التي قدّمها السودان هو بدء العمل في ريِّ امتداد المناقل لمشروع الجزيرة. لقد كان المشروع وقتها أكبر وأنجح مزرعة قطنٍ في العالم تحت إدارةٍ واحدة، وكان المورد الرئيسي للعملات الاجنبية للسودان، ومصدر الخير والرخاء والتمويل لمشاريع التنمية من تعليمٍ وصحةٍ وطرقٍ ومياهٍ في كل السودان.
ولكن منذ ثمانينيات القرن الماضي بدأت ملامح الانهيار تضرب أرجاء المشروع وخاصةً بنية الري التحتية فيه، وأصبح العطش، وليس القطن، هو السمة الأساسية للمشروع في السنوات الأخيرة. إضافةً إلى هذا لم يستطع السودان خلال الخمسين عام الماضية استخدام أكثر من 12 (أو 11) مليار متر مكعب في العام بدلاً من الـ 18,5 مليار التي ظل يفاوض من أجل الوصول إليها لمدة خمسة أعوام وقدّم من أجلها كل تلك التنازلات.
لابدّ لهذا الوضع أن يُثير السؤال: أين ذهبت كل تضحيات أهالي منطقة وادي حلفا الجسيمة التي قدّموها قبل خمسين عام من أجل مشروع الجزيرة الذي ينهكه العطش الآن، ومن أجل زيادة حصة السودان من مياه النيل والتي فشل السودان في استعمالها؟


5
لقد أوضحنا في مقالاتٍ سابقة فوائد سدّ النهضة على السودان التي ذكر الأستاذ فهمي هويدي بعضها. ونوجز هذه الفوائد في الآتي:

أولاً: سوف يحجز سدّ النهضة جزءاً كبيراً من كميات الطمي الضخمة التي يحملها النيل الأزرق كل عام إلى السودان والتي تفوق كميّتها خمسين مليون طن. وقد تسبّبت هذه الكميات الضخمة عبر السنين في فقدان خزاني سنار والروصيرص لأكثر من نصف الطاقة التخزينية للمياه والتوليدية للكهرباء. وكانت كميات الطمي هذه وما تزال السبب الرئيسي لقطوعات الكهرباء المتواصلة ولساعاتٍ طويلة في كل أنحاء السودان نتيجة "إغلاق الطمي توربينات خزان الروصيرص" كما كانت تخبرنا البيانات الرسمية للحكومة. غير أنه لا بد من التوضيح هنا أن السدّ لن يحجز كل الطمي وسوف تستمر كميات الطمي الذائبة في الماء، وكذلك الصغيرة الحجم، في الوصول إلى السودان، وتواصل تغذية التربة. عليه فسوف يحجز سدّ النهضة الضار من الطمي ويترك ما نحتاجه يصل إلى مشاريعنا ومزارعنا، هذا بالطبع إن استطاعت قنوات الري المنهكة والشائخة في السودان حمل ما تبقى من ذلك الطمي.
ثانياً: سوف يُطيل سدّ النهضة عمر خزان الروصيرص بحجزه لكمية الأشجار والحيوانات والمواد الأخرى الضخمة التي يجرفها النيل الأزرق وقت اندفاعه الحاد في شهري يوليو وأغسطس من كل عام.
ثالثاً: سوف يوقف سدّ النهضة الفيضانات المدمّرة التي تجتاح مدن النيل الأزرق في السودان كل سنواتٍ قليلة، وسوف ينظّم انسياب النيل طوال العام في السودان، بدلاً من موسميته الحالية التي يفيض فيها النيل في أشهر ثلاث هي يوليو وأغسطس وسبتمبر. وسوف يساعد انتظام الانسياب في تعدّد الدورات الزراعية في السودان، وفي انتظام وتزايد التوليد الكهربائي في خزاني الروصيرص ومروي.
إن الحديث عن وقف سدّ النهضة للري الفيضي (أي الري من مياه الفيضانات) في السودان قولٌ مردود. فالسودان فشل في استعمال نصيبه من مياه النيل (كما ذكرنا أعلاه). فما معنى الحديث عن الري الفيضي إذا كنا لا نستعمل نصيبنا الثابت من مياه النيل؟ إنه حديثٌ عن النوافل قبل أداء الفروض.
رابعاً: إن انسياب النيل الأزرق على مدى العام سوف يساعد في التغذية المتواصلة كل أشهر السنة للمياه الجوفية في المنطقة بدلاً من تغذيتها فقط في الأشهر الثلاث التي يفيض فيها النيل الأزرق.
خامساً: وعدت اثيوبيا ببيع كهرباء سدّ النهضة للسودان ومصر بسعر التكلفة. وهذا السعر هو حوالى ربع التكلفة لتوليد الكهرباء في خزان مروي والسدّ العالي. وقد بدأ السودان بالفعل في الاستفادة من الكهرباء التي تقوم اثيوبيا بتوليدها من الأنهر الأخرى، خصوصاً من سدّ تكزي على نهر عطبرة، بعد توقيعه على اتفاقية مع اثيوبيا لشراء الكهرباء منها.
سادساً: وعدت اثيوبيا بمدِّ السودان بمياهٍ لري مشاريع السودان الزراعية في ولاية النيل الأزرق من بحيرة سدّ النهضة عبر قناة من البحيرة وحتى هذه المشاريع، إن رغب السودان في ذلك.
سابعا: التبخر من البحيرة سوف يكون محدوداً كما سنناقش أدناه.


6
إن الهمَّ الأساسي للسودان ومصر (كما نصحنا في مقالاتٍ سابقة) في ما يتعلق بسدّ النهضة يجب أن يكون هو الفترة الزمنية التي ستملأ اثيوبيا فيها بحيرة سدّ النهضة. فكلّما طالت تلك الفترة كلّما قلّت التأثيرات السلبية المتمثّلة في نقص كميات مياه النيل التي ستصل للسودان ومصر. وقد أوضحنا أن هذه المسألة يجب أن تكون جوهر المفاوضات مع اثيوبيا التي أكّدت مراراً وتكراراً أن هذه الفترة قابلة للنقاش والتفاوض.
كما تجب الإشارة هنا إلى أن مياه النيل الأزرق التي سوف يتمّ استخدامها لتوليد الكهرباء في سدِّ النهضة ستعود بعد ذلك للنيل الأزرق وتواصل انسيابها للسودان ومصر. كما أن اثيوبيا قد أوضحت أنه لن تكون هناك استخدامات أي مياهٍ من سدّ النهضة لأغراض الري (وأكّدت ذلك طبيعة منطقة السدّ الصخرية). ضِفْ إلى هذا أن التبخّر في بحيرة سدّ النهضة سيكون قليلاً بسبب عمق البحيرة واعتدال الطقس في المنطقة، ولن يفوق المليار متر مكعب في السنة. ولا بُدّ من التذكير أن التبخّر في بحيرة السدّ العالي وحدها هو عشرة مليار متر مكعب في العام، بينما يتجاوز التبخّر في بحيرات سدود السودان الخمس (سنار وجبل أولياء والروصيرص خشم القربة ومروي) سبعة مليار متر مكعب في العام.
كيف يمكن إذن أن يسبّب سدّ النهضة أي أضرار للسودان ومصر؟
7
ناقشنا أعلاه الآثار الكارثية التي نتجت على السودان من السدّ العالي الذي بنته مصر وفرضته كأمرٍ واقعٍ على السودان. وكما أوضحنا، فهذه النتائج أسوأ بكثير من ما عرضه الأستاذ فهمي هويدي في مقاله. وبالمقابل فقد شرحنا الفوائد الكبيرة التي ستعود على السودان من سدّ النهضة الاثيوبي الذي تعترض عليه مصر وتدقُّ طبول الحرب بسببه، في ارتباكٍ وهياجٍ وفقدانٍ للمنطق والعقلانية.
لقد نصح الأستاذ فهي هويدي قادة بلاده بقوله "إن خطوات بناء السد صارت حقيقة ماثلة على الأرض، وإن المشروع تحول إلى قضية قومية وثيقة الصلة بالكبرياء الوطني في إثيوبيا .... وإن مطلب وقف بناء السد الذي دعا إليه البعض لن يجد آذانا صاغية إذا لم يقابل بالصد والاستهجان."
وقد دعا الأستاذ هويدي، كما ظللنا ندعو منذ أكثر من أربعة أعوام، إلى التعاون بين الأطراف، وإنهاء "أجواء الهرج والانفعال التي تسود مصر في الوقت الراهن." وأوضح الأستاذ هويدي نوع التعاون الذي يتحدث عنه بقوله: "ويشكل التعاون المفترض في إطار الاتفاقية الأخيرة فرصة للتفاهم ومعالجة بعض تداعيات مشروع سد النهضة. علما بأن أي جهد يبذل مع إثيوبيا لن يكتب له النجاح إلا إذا تم بتنسيق تام بين القاهرة والخرطوم."
إن التنسيق مع الخرطوم يتطلّب عدم حرمان السودان من المنافع الكبيرة التي سيجنيها من سدّ النهضة، خصوصاً على ضوء النتائج الكارثية التي جناها وما يزال يجنيها السودان من السدّ العالي. بل إن التنسيق يتطلّب في حقيقة الأمر قبول مصر لموقف السودان المؤيد لسد النهضة حتى يتسنّى له الحصول على هذه المنافع.
[email protected]
www.salmanmasalman.org


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 11:55 PM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
الاتصال بنا شبكة ومنتديات وادي شعير الأرشيف ستايل من تصميم ابو راشد مشرف عام منتديات المودة www.mwadah.com لعرض معلومات الموقع في أليكسا الأعلى