المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذاكرة/ بركة الكتاب


الهادي الامام محمد
10-02-2011, 01:23 PM
سأعود بكم إلى ذاكره قديمه لقصة مع المصحف ، لم يكن الناس آنذاك على قدر كافي من التعليم وخاصة بكتاب الله إلا ما يحفظ في الخلاوي عن طريق التلقين والكتابه في الألواح ، فقد كانت المصاحف عبارة عن مخطوطات يدوية نادرة ، تجدها محصورة عند بعض المشايخ أو عند الفكي الذي يستخدمها لتعليم التلاميذ اللذين يستخدمون الألواح لكتابة ما يملى عليهم من كتاب الله .

كان بالفريق مصحفا مشهورا ومتوارثا من قبل أسرة الشيخ عبد الله ود الشيخ يوسف ، كانت لهذا المصحف جلاله ومهابة خاصة ، فقد كان محفوظ في مخلاية من قماش الدموريه القديمة التي اكتست باللون البني من كثرة تنقل المصحف واثار اللمس عليها ، لم يكن هذا المصحف مخصصا للتلاوة آنذاك - ربما كان ذلك في السابق - وإنما كان يتداول في بعض المناسبات الدينية التي يحيها أهل الفريق ، منها ليلة (27) رجب او يوم (الرحمتات) ، حيث كان يتم تعليق المصحف بين شعبتين تنصبان خصيصا لهذا الغرض ، بساحة الخلوة ، ويجلس الناس ليحتفلون بهذه المناسبة ، (يشدون) بليلة العيش في تلك الساحة ، لاعتقادهم بان البليلة (ترفع البلاء) كما تدل الكلمة علي ذلك – البلاء لا - ولأبأس من ذبح شاة في تلك المناسبة لتقسم بين الناس بغرض التوسعه على اسرهم وتيمما بليلة الإسراء والمعراج واستبشـارا ( بالرحمة الآتية) 0

إلا انه قد كان لهذا المصحف ايضا مهمة أخرى بعيدة عن الخيال ومن غير هذه المناسبات ، والاعتقادات السائدة ، فقد كان يطلب من قبل المرأة النفساء ليوضع بجانبها طيلة فترة النفاس لطرد الارواح الشريرة من الطفل وأمه التي لم تكن بطبيعة الحال على طهارة، والخوف من أن (تكبس ) ، او تتلبسها الأرواح الشريرة ، كان يوضع بهيئته داخل المخلاية ولا يتجرأ احد على فتحه ، سواء للتلاوة أو التصفح وبخاصة الأطفال اللذين يعتقد أن مسهم للمصحف أو العبث به سيعرضهم للاذى، وحتى عهد قريب كانت المصاحف تحذر من الاطفال داخل الجوامع0


كانت هناك طقوس لإحضار المصحف (ويسمي الكتاب) حيث تترك مهمة إحضاره عند وضع المولود للعجائز من النساء ، والتي ترسل خصيصا لهذا الغرض ، ويكون المصحف بعد ذلك عهدة بطرف النفساء ، حتى انقضاء عدتها ، وربما ينسى ويظل لفترات طويلة في نفس البيت حتى حصول نفاس في بيت آخر من الفريق .

في ذات يوم من الايام قادني حب الاستطلاع أن اتجرأ لفتح هذا الكتاب الذي كان في بيتنا لذات الغرض وبالطبع لم أكن لاقدم على هذه الفعلة لو كان احد من الكبار موجود بالبيت، ولكن شاء الله ان يهيء لي هذه السانحة لتشكل أول لقاء لي من غير موعد مع كتاب الله ! دخلتني مهابة ورهبة عند إخراجه من مخباءه ، ولا ادري لماذا كانت هذه الرهبة التي أسالت الماء من وجهي وارجفت اوصالي ، هل هي من جراء هذه الفعلة النكراء! والتي حتما ستكسبني علقة ساخنة (باللباب او العصاء) ، وان شئت قل بالبرطوش في حالة غياب العصاء ! أم كانت من الخوف الذي تملكني من هيبة هذا الكتاب ! والذي وقعت نظراتي على جوفه لأول مرة في الحياة ، وان كانت الحياة في بدايتها بالنسبة لي آنذاك ، لم اكتف بذلك بل بدأت اتهجأ وأتعثر وأتلعثم في آياته المكتوبة بخط اليد العريض، والتي نزلت علي بردا وسلاما من تلك الرهبة فسكنت دواخلي ، وواصلت الاستمرار في القراءة ، غير آبه لما يصيبني بعدها .
فأبت عظمة الله وعزة المصحف ، الا ان تقيني ذلة العصاء والبرطوش بحمد الله وعلمت من ذلك ان في هذا الكتاب بركة أين ما حل .

وسلام عليكم

عيبدة احمد دفع الله
10-02-2011, 04:17 PM
نعم يا شيخ الهادي لهذا الكتاب بركة أين ماحل، ففيه بركة عزة ورفعة للمسلم وحسرة ووضاعة للكافر , والآيات الدالة على بركته كثيرة منها,( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب),(وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون).
واهلنا الكبار يا شيخ الهادي لا يتحدثون ولا يتصرفون من فراغ فهم الذين أخرجوا لهذا المجتمج أُناسا صالحين على الرغم من أميتهم , لذلك تجدهم أجادوا دورهم في التربية بالفطرة فهم البركة الحقيقية نسأل الله أنّ يغفر لمن مات منهم وأنّ يطوّل عمر الحييّن وأنّ يرزقنا برهم والإحسان إاليهم.

عمر محمد الأمين
10-02-2011, 06:45 PM
شيخ الهادي
شكرا على هذه الذكريات مع " الكتاب" وكانوا يشيرون إليه باسم الكتاب و ليس المصحف جيب الكتاب و حفظ الكتاب،
حتى بعد انتشار المصحف المطبوع بقيت عادة وضع الكتاب داخل "خرتاية" فوق تربيزة عند رأس النفساء و مولودها للحفظ،
المصاحف المخطوطة في وادي شعير كثيرة، راجع الروابط
http://www.wadishaeer.com/vb/showthread.php?t=1029&highlight=%E3%CD%E3%CF+%C7%E1%E4%C7%D3%CE
http://www.wadishaeer.com/vb/showthread.php?t=706&highlight=%E3%CD%E3%CF+%C7%E1%E4%C7%D3%CE
وقد حاولت تتبع أماكن حفظها بعد كثرت التداول بين الأيدي، وتوصلت إلى
أن مصحف الشيخ يوسف(الذي أشرت إليه ) موجود إما لدى عباس يوسف أو السيد،
كما أن مصحف جدكم الحسن ود نصر محفوظ لدي عمنا حمدان وهو بحالة جيدة كما أفادني هو،
أما مصحف جدنا عبد الرحمن فهو محفوظ لدى عمنا يوسف عبد الرحمن،
ومصحف جدنا الشيخ إبراهيم موجود بطرف عمتي فاطمة بت الشيخ إبراهيم،
ومصحف والدنا الشيخ محمد الأمين موجود لدى أبناء أخينا المرحوم المبارك،
و يوجد مصحف لدى عمنا عبد الله ود يوسف ( ولا أدري إن كان عائدا لوالده أو مملوكا له هو) وغيرها كثير،

وهذه المخطوطات وكما ذكرنا سابقا تحتاج لعناية و صيانة لأوراقها و الجلد المغلفة به وهذه تقنية متوارفة لدى دار الوثائق ،
لأن الأوراق بمرور الزمن ستتلف و تتقصف
مشكور على هذه الإطلالة

الصديق الامام محمد الحسن
10-03-2011, 05:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
التحية لأخينا الهادي وهو يكتب لنا من اليونان ونأمل أن يضخ لنا المزيد من الذكريات ( ليس كضخ الدولارات لبنك السودان) خاصة وانه يعيش منذ رمضان الماضي في أجواء المتوسط مع سحر الطبيعة الخلابة بجزيرة كريت ، ونذكره أن له ذكريات بالمنتدى لم تكتمل حلقاتها وهذه فرصة لاستكمالها ونحن في الانتظار، التحية للأخوين المتداخلين الأخ النشيط عيبدة أحمد دفع الله والأخ الأستاذ عمـر ( علشان مانكبرك) أما بخصوص موضوع كتاب جدي عبد الله كما كنا نطلق عليه في الفريق فكان شيئا مهابا" حتى كنا نحلف به ونقول وحات كتاب جدي عبد الله طبعا كنا صغار وعلشان الواحد مايكذب كنا نطلب منه الحلف بكتاب جدنا عبد الله ، وهو موجود إلي اليوم كما ذكرت ، أما بخصوص موروثات القرية الأخرى ، تذكر الأخ عمر قبل عامين تقريبا أطلعتك على مخطوطة هامة بديواننا وكانت عبارة عن رسالة من الإمام محمد احمد المهدي إلى حمدان أبو عنجة وأعتقد والله اعلم ان هذه المخطوطة لها علاقة بجدنا عبد الله ود الشيخ حيث كان امير للمهدية بالمنطقة ، وهي تحتاج الى تحقيق ومقارنة بوثائق المهدية والفترة التي كتبت فيها هذه المخطوطة ، وقد استدعينا الزنكلوني وتم تصويرها بالاسكنر وهي موجودة الآن عندنا ومصورة لدى الزنكلوني ، واذكر اننا تناقشنا كثيرا في موضوع حفظ موروثات القرية وهي تعتبر موروثات ثمينة وغنية بتراثنا وثقافتنا السودانية ، ومن هذه الموروثات تلك الحربة التي يحملها الخال محمود علي الوسيلة ايام العيد لتوضع مع الراية أمام المصلين وهي ملك لجدنا عبد الله ودو الشيخ وقد حارب بها مع الخليفة عبد الله التعايشي في زمن المهدية، وهناك بعض الموروثات التابعة لجدنا عبد الجليل ود بخيت واخيه جدنا عبد الصادق ود بخيث واعتقد انها موجود مع عمنا سعيد أو عمنا موسى، وكذلك هنالك أشياء أثرية ثمينة وقيمة موجودة عند الخالة رابحة عبد اللة يوسف كما أخبرني الأخ عمر ، أما عن مخطوطات وادي شعير بدار الوثائق فهي كثيرة وقد اخبرني الخال حاج على يوسف حاج على أن هنالك مخطوطة في غاية الاهمبة أودعها والده المرحوم يوسف ود حاج علي لدار الوثائق المركزية ، واذكر اننا ومن خلال مناقشتنا للموضوع مع الأخ عمر خلصنا وأمنا علي عمل آلية لجمع هذا الموروث الهام حتى يكون ارث للأجيال القادمة وان يستعين به الطلاب في معارضهم وأسابيعهم الثقافية.
عليه أتمنى أن يناقش الأخوة أعضاء المنتدى الفكرة مرة آخري وان يتبنى المنتدى فكرة جمع هذه الموروثات( الدعم المادي) بالطريقة المثلي التي تحفظها من الضياع والاستفادة منها مستقبلا مع أحقية ملكيتها لأصحابها.

عمر محمد الأمين
10-03-2011, 08:17 AM
يا دكتور الصديق ،
مشكور على"دردقة هذه الكورة" ، قديما كان لنا علاقة مع بعض الزملاء و المعارف في دار الوثائق وأبدوا وقتها حماسا لفكرة صيانة هذه المخطوطات
وهو ما جعلنا نسعى لنتعرف على أماكن حفظها و بحوزة من هي؟؟ ولكن توقف هذا العمل ؟؟

وأؤيد ما طرحتم من أفكار لحفظ المخطوطات و المقتنيات التراثية ويمكن أن تكون نواة لمتحف القرية في المستقبل بمشيئة الله.
====
مشاققة يا شيخ الهادي:
هل توجد صلة بين"كريت أبت الرجوع للبيت" واسم جزيرة كريت ؟؟ أي سميت هذه الجزيرة بهذا الاسم لأنها كرتاء؟؟؟

مي عمر محمد الأمين
10-03-2011, 05:55 PM
اولا التحية ومشكورين علي سرد التاريخ الجميل دا انا ضد تسليم اي مستندات لناس الوثائق لانو السودان الدولة الوحيدة التي لا تهتم بالتاريخ والموروثات بل بحاولو يمحوها وحتي لو حاجة بسيطة كان ممكن تكون منبع اثري وزيادة للسياحة مقارنة بالحبشة جابو قبر النجاش والهتمام بيهو كمكان اثري يعني ماندخل في المعتقدات الدينية ومشكورين

الصديق الامام محمد الحسن
10-03-2011, 06:47 PM
[

وأؤيد ما طرحتم من أفكار لحفظ المخطوطات و المقتنيات التراثية ويمكن أن تكون نواة لمتحف القرية في المستقبل بمشيئة الله.
==== ونحن ايضا ضد تسليم أي موروث لدار الوثائق بل نسعي لاسترداده ومعرفته وكما ذكرت في ختام مداخلتي ( مع احقية ملكيتها لاصحابها )
وكما ذكر الاخ عمر ونحن نتفق معه ان يتم حصرها ومعرفتها لتكون نواة لمتحف القرية في المستقبل بمشئية الله شكرا على المداخلة

الهادي الامام محمد
10-04-2011, 07:46 AM
التحية للمتداخلين (الاخ عيبده ، شيخنا واستاذنا عمر ، الدكتور صديق ، الاخت الدكتوره مي) انعم بها من كوكبه ، اشكركم على آرائكم النيره التي فتحت آفاق جديده للاهتمام بموروثاتنا الثقافيه ، وسلطت الضوء على حقائق كانت غائبه عن الناس .

بالتاكيد ان هناك موروثات اخري بالبيوت لايلقى لها بال لعدم الوعى باهميتها ومدلولاتها الثقافيه والتراثيه فمثال على ذلك اذكر ايضا في طفولتى ومن باب الشلاقه أني كنت اعبث في كتب خلفها جدنا الفكي الطاهر رحمه الله ، ومن بين تلك الكتب لفت نظري كتاب كبير وغريب مكتوب عليه العقد الفريد لابن عبد ربه، (دقق اسم الكاتب ياعمر) حفظت اسمه – كما تفعل الببقاء- وعندما تقدمت في التعليم وفي دراساتنا الادبيه تعرضت لهذا الكتاب ! عرفت اهميته وعظمته ، ولا أدري ان كان موجودا حتى الان.

اتمنى ان نجد آليه لنشر الوعي الثقافي بمثل هذه الاشياء ومحاولة جمعها وتوثيق تاريخها ، فمن لم يكن له اصل ليس له حاضر ولن يكون له مستقبل ، مرة اخرى تجدوني ممتنا لكم.

عمر محمد الأمين
10-05-2011, 07:18 AM
يا شيخ الهادي ( الكريتي أو الأكرت من كريت!!)
تحياتي
نبدأ بنبذة فصيرة عن " العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي)
====
كتاب العقد الفري(لابن عبد ربه الأندلسي)

هو كتاب من أمهات كتب الأدب، جامع لشتيت الفوائد ومنثور المسائل في الأخبار والأنساب والأمثال والشعر والعروض حتى الطب والموسيقى.
وقد أستوعب خلاصة ما دون من كتب الأصمعي وأبي عبيدة والجاحظ وابن قتيبة وغيرهم.
ولم يقتصر على المأثور عن العرب بل وشى كتابه بما ترجم عن اليونان والفرس والهنود من ضروب الحكمة والموعظة والملح.
وقد تأنق في تبوبيه وتفنن في ترتيبه، فقسمه إلى خمسة وعشرين كتابا في موضوعات شتى بدأ منها بمقدمة بليغة من إنشائه تبين الغرض منه،
وسمى كل كتاب بجوهرة من جواهر العقد كاللؤلؤة والفريدة والزبرجدة والجمانة والمرجانة والياقوتة والجوهرة الخ.
نماذج من شعر ابن عبد ربه
قال في الغزل:

يا لؤلؤا يـسبي الـعقول أنيقا = ورشا بتقطيع القلـوب رقيقا
ما إن رأيت و لا سمعت بمثل= ه درا يـعود من الحـياء عقيقا
وإذا نظرت إلى محاسن وجهه= أبصرت وجهك في سناه غريقا
يا من تقطع خصـره من رقة= ما بال قلبك لا يكون رقيقا

وقال في موقف الوداع:

و دعتنـي بـزورة و اعتناق= ثم نادت متى يكون التلاقي !
وبدت لي فأشرق الصبح =منها بين تلك الجيوب و الأطواق
يا سقيم الجفون من غير سقم= بين عينيك مصرع العشاق
إن يوم الـفراق أفظـع يوم= ليتني مت قبل يوم الفراق !

وقال في وصف رمح وسيف:

بكـل رديـي كـأن سـنانـه شـهاب= بدا في ظلمة الليل ساطع
تقاصرت الآجال في طـول متنه= و عادت بـه الآمال وهي فـجائع
وذى شطب تقضي المنايا لحكمه= وليس لما تقضـي المـنية دافـع
يسلل أرواح الكـماة انسلاله =ويرتاع عنه الموت و الموت رائع

وآخر شعر قاله هو:

بليت و أبلتنـي الليالي بكرها= و صرفان للأيـام معتـوران
و مالي لا أبلى لسبعين حـجة= وعشر أتت من بعدها سنتان
و لست أبالي من تباريح علتي= إذا كان عقلي باقيا ولـساني

وقال أيضا: فدع الإسراف مقتصدا، وأذكر في اليوم غدا،
وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك.
أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين.
وتطمع - وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة-
أن يوجب لك ثواب المتصدقين. وإنما المرء مجزي بما أسلف،
وقادم على ما قدم. والسلام.

الصديق الامام محمد الحسن
10-23-2011, 09:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
مابين الاستاذ :خالد الحاج ود. عبد الله النعيم
الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود هو أستاذ جميع مثقفي شرق الجزيرة عامة ومدينة رفاعة خاصة فهو أستاذ التاريخ الذي لايشق له غبار فقد عشق هذه المادة ودرسها لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان وليس هناك مثقف من شرق الجزيرة لايعرف الأستاذ خالد الحاج فهو من أبناء ديم لطفي برفاعة ، يعتبر الأستاذ خالد الخالد المنظر الثاني للفكر الجمهوري بعد محمود محمد طه وهو أي الأستاذ خالد الحاج رجل ذو خلق وعلم يجبرك أن تحترمه حتى ولو اختلفت معه ويعلمك أدب الخلاف وقد شهدنا بذلك ونحن طلابا بالمرحلة الثانوية حين اشتد به الخلاف الفكري بينه وبين الأستاذ النور محمد احمد الذي يعتبر من أوائل من تصدى لهذا الفكر الضال.
أما الدكتور عبد الله أحمد النعيم، فهو من الأكاديميين المشهود لهم بالكفاءة، منذ أن كان أستاذاً شاباً للقانون، بجامعة الخرطوم. وكان ذو خلق عال يحترمه الأعداء قبل الأصدقاء. وقد كان محلَّ تقدير بين زملائه وطلابه، وجميعهم يشهدون بكفاءته العلمية وجدّه الأكاديمي.. وقد تدرّج في مجال التأهيل الأكاديمي حتى أصبح بروفيسراً في واحدة من الجامعات الأمريكية العريقة.. كما اشتهر أنه من الناشطين البارزين في مجال حقوق الإنسان.
كان د. عبدا لله، قد انضم لجماعة الأخوان الجمهوريين، تلاميذ محمود محمد طه، منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، وظل يعمل في إطار الجماعة، حتى تم تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود محمد طه في عام 1985م، وبعدها هاجر الى الولايات المتحدة، وهناك عُرف عنه، النشاط الواسع، منذ ذلك التاريخ، وإلى اليوم.. فقد ظل يحاضر في أقطار ومدن الغرب، وفي آسيا، وأفريقيا، خصوصاً شرق آسيا.. وأعد بعض الأوراق، وأصدر بعض الكتب.. ومن أهم كتبه: (نحو تطوير التشريع الإسلامي) الذي صدرت ترجمته العربية عام 1994م، ثم صدر له حديثاً كتاب (الإسلام وعلمانية الدولة) باللغة الإنجليزية، وقد تمت ترجمته إلى اللغة العربية عام 2010م.. وبعد إصداره كتاب (نحو تطوير التشريع الإسلامي)، بدأ نشاطُه، كلُّه، يدور حول المحتوى الذي ظهر مؤخراً في الكتاب الثاني.. حتى وصل الأمر إلى أن يتمركز كلّ نشاطه الواسع، حول المحتوى الذي ظهر في كتابه الأخير (الإسلام وعلمــانية الدولة) ( المصدرالاستاذ خالد الحاج)
أخيرا" اختلف عبد الله النعيم وخالد الحاج وهما الرجل الثاني والثالث في الفكر ولكنك لايمكنك أن تميز من هو الثاني ومن هو الثالث بعد محمود محمد طه فعبد الله النعيم وخالد الحاج يعلمان في الفكر الجمهوري مالم يعلمه غيرهما فإذا تحدثا فلا ينبغ لأحد غيرهما أن يتحدث ،الجميع يحترمهما وكانا يحترمان بعضهما البعض حتى أننا لم نجد حتى الآن ردا" لاتهامات خالد لعبد الله احتراما له ( ولكننا نتمنى ونتطلع لرد عبد الله النعيم لنتعرف على خفايا هذا الفكر الضال الذي ظل ومكث وقتا طويلا الى أن قتل صاحبه محمود محمد طه في عام 1985م) فلا أحد غيرهما يعرف الحقيقة، فالمسافة الفكرية بينهما وبين بقية الجمهوريين كبيرة جدا ، لذلك لانجد احد عقب على هذا الخلاف غير الأستاذ أبو بكر القاضي ( المستشار القانوني للعدل والمساوة المقيم بالدوحة ) ورغم احترامي الشديد ومعرفتي التامة بالأخ أبو بكر القاضي (عملنا سويا في اللجنة التنفيذية للجالية السودانية بالدوحة دورة 92/93) فليته نأى بنفسه عن هذا الصراع وليترك الساحة لأهلها لعلها تكون فرصة سانحة لكشف خفايا هذا الفكر الضال. إضافة لذلك فالأستاذ خالد الحاج لايريد ردا" من أحد فرسالته موجه الى الدكتور عبد الله والدكتور عبد الله ليس في حاجة لأحد ان يدافع عنة ، فاتركوهم حتى تبين الحقيقة .
سوف أتناول في مداخلات قادمة أوجه الخلاف الفكري بين هذين الرجلين وأثره في كشف خطورة هذا الفكر الضال ، مع العلم ان الدكتور عبد الله النعيم لم يرد حتى الآن على ماقاله فيه الأستاذ خالد الحاج ، والى اللقاء