المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن تضرب شعبك نضربك ... بقلم: محمد المكي إبراهيم = منقول


عمر محمد الأمين
03-31-2011, 06:12 PM
إن تضرب شعبك نضربك ... بقلم: محمد المكي إبراهيم

محمد المكي إبراهيم*
يبدو ان هذه الجملة الشرطية قد غدت التعبير الأفضل عن حالة القانون الدولي الإنساني المعاصر وذلك على ضوء التدخل الدولي المعزز الذي تم مؤخرا في الشأن الليبي فقد أمر به مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بناء على طلب الدول أعضاء المجلس زائدا دول الجامعة العربية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي وشاركت في تنفيذه القوات العسكرية لحلف الناتو واثنتين من دول الجامعة العربية بما يمثل توافقا عريضا –إن لم يكن إجماعا- على وجوبه وقانونيته .
لقد ظل القانون الدولي الإنساني يتقدم في ذلك الاتجاه لعدة عقود ولكنه لم يصل إلى هذه الدرجة من التبلور والوضوح إلا بعد نشوء القضية الليبية وتطوراتها المعاصرة .وقد كانت الحرب الباردة سببا من الأسباب الرئيسية التي عاقت تقدم القانون الإنساني حيث تصلبت الكتلة الاشتراكية مدعومة بدكتاتوريات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية على حق قانوني أخر هو حق الدول في السيادة والاستقلال ومنع الآخرين من التدخل في شئونها الخاصة.وبتعظيمهم لذلك الحق استطاع الدكتاتوريون ان يمنعوا تقدم القانون الإنساني ومقاومة كافة أنواع التدخل الخارجي في الشئون الداخلية حتى لو كان ذلك لحماية الأرواح من الضياع أو التعرض للبطش والتعذيب وغير ذلك من الشرور التي يحذقها الدكتاتوريون. والواقع أن الكتلة الاشتراكية نفسها كانت تعاني من المشاكل الداخلية وبحاجة لحماية نفسها من تشهير الغربيين وبسبب من ذلك تسترت على الأحداث الفظيعة التي جرت في ألمانيا الشرقية(17 يونيو1953) وبولندا(15 نوفمبر 1963 والمجر (وهذه الأخيرة هي التي قادت عائلة ساركوزي للهرب من بلادها إلى فرنسا حيث أصبح ابنها رئيسا لفرنسا ولعب دوره الباهر في قيادة التدخل الغربي في ليبيا.)
كيف يصبح التدخل الاممي في ليبيا جزءا من القانون الدولي الإنساني.؟
المدخل الرئيسي للتطورات الجديدة إلى الجسم العام للقانون الدولي هو المادة 38 من ميثاق محكمة العدل الدولية والذي يعتبر أحسن تلخيص لمصادر القانون الدولي العام :ونص هذه المادة كما يلي:
1:38 - وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا الشأن:
( أ ) الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
(ب) العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.
(ج) مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.
(د ) أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم ويعتبر هذا أو ذاك مصدراً احتياطياُ لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة 59.
2 - لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك.
وتنطبق على الحالة الليبية الفقرتان 1 (ب) و(ج )الخاصة" بالعادات المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستخدام" والممارسات الدولية التي درجت عليها الدول المتمدنة في مواجهة الطغاة والدكتاتوريين وهي تلك المتدرجة من أعمال الشجب والإدانة والتدخل الفردي وصولا الى التدخل الجماعي كما جرى لليبيا العقيد. ويمكن تفعيل ذلك المبدأ بإحدى طريقتين:
1- بالتقاضي بحيث تصدر المحكمة الدولية حكما قضائيا يقول بأن ممارسات الدول قد كرست حق التدخل ضد الطغاة والدكتاتوريين أو
2- بتدوينه ضمن القانون الدولي العام في مؤتمر ينعقد خصيصا لتدوين الأعراف الدولية في معاهدة دولية تجمع أشتات القانون الإنساني في معاهدة واحدة. والأقرب للحدوث هو الخيار الثاني حلا لإشكالات عديدة تواجه المشتغلين بذلك الفرع من فروع القانون.ولكنه يمكن الجزم منذ الآن بمشروعية التدخل الدولي لإنقاذ الشعوب من حكامها المستبدين .وبذلك يكون القانون الدولي قد حقق قفزة كبرى لصالح الشعوب المقهورة

*ممثل السودان الأسبق في اللجنة القانونية للأمم المتحدة