شكرا الأخ الأستاذ عبد الرحمن
الهدف من طرح الموضوع هوالتأصيل الإسلامي للحريات في الفكر الإسلامي سواء ان كانت حرية مادية أو حرية معنوية مثل الحرية السياسية التي ذكرتها ، ففي المنهج الإسلامي لامانع لاي شخص ان يقدم نفسه لشغل اي نوع من المناصب العامة أن كان يأنس في نفسه الكفاءة أو تم اختياره بواسطة غيره ولكن قبول ترشيحه أو تثنيته لاتتم إلا وفق المعايير المطلوبة لهذا المنصب أما ما يحدث الآن فالله المستعان ، ( التأصيل في ذلك ) يرى البعض عدم تزكية النفس لهذا الأمر لقوله تعالى (ولا تزكو أنفسكم ) ولحديث الرسول الكريم :-( إنا لانولي هذا العمل أحد سأله ) إن الولاية لا تُعطى لمَن طلبها أو حرص عليها، ولا لمَن سبق أن طلبها؛ لأن طلبها يكون سببًا في منعها، ففي الحديث عن عبد الرحمن بن سمُرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أُعطيتها عن مسألةٍ وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألةٍ أُعنت عليها" (رواه مسلم: 1652)، وعن أبي موسى قال: أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعي رجلان من الأشعريين فقلت: ما علمتُ أنهما يطلبان العمل، فقال: "لن- أو- لا نستعمل على عملنا مَن أراده" (البخاري: إجارة: 2261)، و(مسلم: 1652/15)، وغيرهما، وفي رواية: "إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدًا سأله ولا أحدًا حرص عليه" (مسلم: الإمارة: 1824). ، فحق الفرد في السلطة حق أصيل أساسي ومشروع ولم يأت الضرر إلا بمخالفة ذلك القدر من الحرية الممنوحة له.
يجب على مَن يختار المسئول، أن يبحث عن الأصلح ممن هو أهلٌ للاجتهاد، العالم العامل التقي النقي المتواضع الذي يستشير الأمناء من أهل العلم.. وفي حديث عمر لابن عباس قال عمر: "لا يصلح لهذا الأمر إلا القوي في غير عنف، اللين من غير ضعف، الممسك من غير بخل، الجواد في غير إسراف" (الأحكام السلطانية للماوردي صـ12)،
ويشترط في أهل الاختيار ثلاثة شروط:
1- العدالة
2- العلم الذي يتوصل به إلى معرفة مَن يستحق الإمامة.
3- أن يكون من أهل الرأي والتدبير المؤدين إلى اختيار مَن هو للإمامة أصلح (الأحكام السلطانية لأبي يعلى صـ19).
والمحاباة في الاختيار خيانة، ففي الحديث "مَن وُلي من أمر المسلمين شيئًا، فولى رجلاً وهو يجد مَن هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين" (الحاكم في صحيحه)، وفي رواية: "من قلَّد رجلاً عملاً على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة مَن هو أرضى منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين"، ورُوي ذلك عن عمر بن الخطاب، وقال أيضًا: "مَن وُلي من أمر المسلمين شيئًا، فولَّى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين"، وكان عمر حريصًا على أن لا يولي أحدًا من أقاربه رغم كفاية بعضهم وسبقه في الإسلام.. وقال عمر: "لوددت أني أجد رجلاً قويًّا أمينًا مسلمًا أستعمله عليهم"، فقال رجل: أنا والله أدلك عليه، عبد الله بن عمر، فقال عمر: قاتلك الله، والله ما أردت الله بهذا (راجع مناقب عمر لابن الجوزي صـ108، وعلي الصلابي: 355).
وبناءً على ذلك، فلا يجوز الاختيار لمجرد القرابة أو الصداقة أو أية علاقة على حساب من هو الأحق الأصلح.
أما بخصوص الجزء الثاني من مداخلتك
فاغلب الدول الإسلامية تقوم دساتيرها على المواطنة وسيادة القانون، واحترام التعددية، وكفل الحرية والعدل والمساواة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أي تمييز أو تفرقة( وهذا ما ينبغي ان يكون عليه دستور السودان الجديد) .
النظام الإسلامي يقوم على التوازن بين السلطات، والتداول السلمى للسلطة، وتعدد الأحزاب السياسية وإنشائها بالإخطار
، شريطة ألا تكون عضويتها على أساس جغرافى أو عرقى أو ديني أو عقائدي أو فئوى أوذات مرجعية تتعارض مع الحقوق و الحريات الأساسية لحقوق الانسان ( وهذا يختلف بموجب دستور كل دولة وما تسنه من قوانين لتكوين هذه الاحزاب ) أما في الحال السودانية كما ذكرت فلابد من الدعوة الصادقة لكافة الأحزاب والمختصين من فقهاء القانون الدستوري ليقروا مايتفقون عليه.
آمل ان لااكون قد اطلت وشكرا على المداخلة المميزة