بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، واصلي واسلم على خير الخلق المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى اصحابه الغر الميامين وبعد .
اهلي واحبتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد امتلأت فرحاً وسروراً عندما اطلعت على ما كتبه اخوتنا وابنائنا في بعض المنتديات التي سمح لي وقتي بالاطلاع عليها ( لأني عضو جديد ) وغمرتني السعادة بأن اجد هذه الروح العاليه والسلوك القويم الذى يتحلى به ابنائنا المشاركين فيما قرأته واسأل الله أن ينعكس ذلك في حياتنا عملاً وإلفة ومحبة في ربوع قريتنا الحبيبه وادي شعير - آمين - ولو سمحتم لي اخوتي وابنائي بان انضم الى قافلتكم الميمونة التي اسأل الله أن تسير برعايته وحفظه بدون توقف لعلي أكون أحد ركبانها .
عنوان المشاركة كما هو موضح أعلاه هو المحاسبة والمراقبة وهو منقول عن كتاب (مختصر منهاج القاصدين للامام الشيخ احمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي) ورأيت أن انقله لما فيه من فوائد أرجو ينتفع بها الجميع . قال الله تعالى ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدأً بعيداً ويحذركم الله نفسه ) وقال ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) وقال ( ووضع الكتاب فتى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحاداً ) وقال ( يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليرو أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره ) فاقتضت هذه الآيات وما أشبهها خطر الحساب في الآخرة .
وتحقق أرباب البصائر أنهم لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة لأنفسهم وصدق المراقبة ، فمن حاسب نفسه في هذه الدنيا ، خف في القيامة حسابه وحسن منقبله ، ومن أهمل المحاسبة دامت حسراته . فلما علموا أنهم لا ينجيهم إلا الطاعة وقد أمرهم الله تعالى بالصبر والمرابطة فقال ( يا أيها الذين آمنوا أصبروا وصابروا ورابطوا وأتقوا الله لعلكم تفلحون ) فرابطوا أنفسهم أولاً بالمشارطة ، ثم بالمراقبة ، ثم بالمحاسبة ، ثم بالمعاقبة ، ثم بالمجاهدة ، ثم بالمعاتبة ، فكانت لهم في المرابطة ست مقامات ، وأصلها المحاسبة ، ولكن كل حساب يكون بعد مشارطة ومراقبة ، ويتبعه عند الخسران المعاتبة والمعاقبة ، ولا بد من شرح ذلك المقام .
المقام الأول : المشارطة : أعلم : أن التاجر كما يستعين بشريكه في التجارة طلباً للربح ، ويشارطه ويحاسبه ، كذلك العقل يحتاج الى مشاركة النفس ، ويوظف عليها الوظائف ، ويشرط عليها الشروط ، ويرشدها الى طريق الفلاح ، ثم لا يغفل عن مراقبتها ، فإنه لا يأمن خيانتها وتضييعها رأس المال ، ثم بعد الفراغ ينبغي أن يحاسبها ويطالبها بالوفاء بما شرط عليها ، فإن هذه التجارة ربحها الفردوس الأعلى .فتدقيق الحساب في هذا مع النفس أهم من تدقيقه بكثير من أرباح الدنيا ، فحتم على كل ذي عزم آمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه ، والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها ، فإن كل نفس (من التنفس) من انفاس العمر جوهرة نفيسة لا عوض لها ، فاذا فرغ العبد من فريضة الصبح ، ينبغي أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة نفسه فيقول للنفس ، ما لي بضاعة إلا العمر ، فاذا فني من رأس المال وقع اليأس من التجارة وطلب الربح ، وهذا اليوم الجديد أمهلني الله فيه ، وأخر أجلي ، وأنعم علي به ، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني الى الدنيا حتى أعمل فيه صالحاً ، فأحسبي يانفس أنك لو توفيت ثم رددت ، فإياك أن تضيعي هذا اليوم ، وأعلمي أن اليوم والليلة أربع وعشرين ساعة ، وأن العبد ينشر له بكل يوم أربع وعشرون خزانة مصفوفة ، فيفتح له منها خزانة فيراها مملؤة نور من حسناته التي عملها في تلك الساعة ، فيحصل له من السرور بمشاهدة تلك الأنوار ما لو وزع على أهل النار لأدهشتم عن الاحساس بألم النار ، ويفتح له خزانة أخرى سوداء مظلمة يفوح ريحها ويغشاه ظلامها ، وهي الساعة التي عصى الله تعالى فيها فيحصل له من الفزع والخزي ما لو قسم على أهل الجنة لنغص عليهم نعيمهم ، ويفتح له خزانة أخرى فارغة ليس فيها ما يسوؤه ولا يسره ، وهي الساعة التي نام فيها او غفل او اشتغل بشيء من المباح ، ويتحسر على خلوها ، ويناله ما نال القادر على الربح الكثير اذا أهمله حتى فاته ، وعلى هذا تعرض عليه خزائن أوقاته طول عمره فيقول لنفسه : أجتهدي اليوم لتعمري خزانتك ، ولا تدعيها فارغة ولا تميلي الى الكسل الدعة والاستراحة ، فيفوتك من درجات عليين ما يدركه غيرك . للحديث تتمة باذن الله تعالى
التعديل الأخير تم بواسطة حبيب الله عبد الرحمن ; 03-10-2012 الساعة 11:40 AM.
شكرا أبا عبد الرحمن على هذه الإطلالة المباركة
===============
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا؛
فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ،
وتزينوا للعرض الأكبر ، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ||
=====
قال الحسن البصري : " المؤمن قوّام على نفسه ، يحاسب نفسه لله عز وجل ، وإنما خفّ
الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على
قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة ".
وفي قوله الله تعالى { ولا أقسم بالنفس اللوامة } القيامه 2قال الحسن البصري : " لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه :
ماذا أردت بكلمتي ؟ ماذا أردت بأكلتي ؟ ماذا أردت بشربتي ؟ والفاجر يمضى قدما لا يعاتب نفسه ..
=======
كان توبة بن الصمة بالرقة وكان محاسبا لنفسه فحسب يوماً عمره فإذا هو ابن ستين سنة
، فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم ، فصرخ وقال يا ويلتي ألقى
المليك بأحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب ، كيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب ،
ثم خر مغشيا عليه فإذا هو ميت ، فسمعوا قائلا يقول يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى ..
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
ارحب بك ترحيبا خاصا الاخ حبيب الله في انضمامك للمنتدي والذي لاشك انك سوف تكون فيه عضوا بارزا وفعالا حسب علمنا بك ولانزكي على الله احد ،
لماذا المحاسبه ، قال تعالى ان النفس لامارة بالسوء فهي تميل الى الشهوات والمعاصي ولاتهوى الطاعات والعبادات ، فهي للشيطان اقرب، ومن الرحمان ابعد، هكذا جبلت وفطرت ، فلو كانت غير ذلك ما أخرجت ابونا آدم من الجنه تحقيقا لشهوة دنيه ، اجبرته على المعصية والخطيئه، وحرماننا من النعيم المقيم، وكل العبادات تكمن في جهاد النفس ، ليرتقي الآدمي لكماله النسبي في اول خلقه ، قال تعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ، ثم رددناه اسفل سافلين ، وذلك لخطئته الكبرى في معصية الخالق ، والعوده تكون في الاستثناء الا الذين امنوا وعملوا الصالحت
والايمان والعمل الصالح لايتحقق الا بالجهاد الاكبر جهاد النفس بالمحاسبه والمراقبه وحملها على الطاعات حملا وابعادها عن المعاصي ، وذلك يكون بتدريبها شيئا فشيئا فالطاعات تكون بالحرص على الفرائض مثل الصلاة الزكاة والصدقه والحج والعمره والصوم ، والنوافل مثل قيام الليل وصوم النوافل والصدقات وصلة الارحام والحب في الله والبغض في الله فهى اوثق عرى الايمان والبعد عن الذنوب والمعاصي وخاصة البدع والكبائر والصدق والاخلاص حتي الوصول الى درجة الاحسان التي تعبد فيها الله كانك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك
كم من ذنوب اثقلتنا ، ونفوس اهلكتنا ، اسودت قلوبنا من ران الذنوب حتي استثلقنا الطاعات والعبادات وهجرنا كتاب الله وجرينا وراء شهوات النفس واتباع شياطين الانس والجن ، نسأل الله الخلاص بالعمل الصالح ومخالفة شهوات النفس التي سوف تجرنا الى نار حاميه
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخَ الكريم (أبا محمد ) عمر محمد الأمين حفظه الله
الأخ الكريم الهادي بن الإمام بن محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً والشكر أجزله لما زينتم به الموضوع وأكملتموه ، وان تبقى ما يجب اضافته فهو يسير سأحاول في وقت لاحق تكملته بإذن الله وهو المقامين الأخيرين من الست مقامات المذكورة في الموضوع وهما المعاتبة والمعاقبة أما بقية المقامات وهي ( المشارطة وقد اقتبسنا منها في أول الموضوع ما يغني عن التتمة وبعدها المراقبة والمحاسبة والمجاهدة ) وهذا ما اكمتلموه فتقبل الله منكم وجعله في ميزان حسناتكم .
تقبلوا شكري وتقديري وأكيد احترامي .
التعديل الأخير تم بواسطة حبيب الله عبد الرحمن ; 03-08-2012 الساعة 07:31 AM.
يا أبا عبد الرحمن
في انتظار بقية الموضوع
تخريمة
======
الخيل تجقلب و شكر لحماد
يكتب المشاركة " الهادي بن الإمام بن محمد بن الحسن بن نصر
ويشكر عليها الشقيق الأكبر الصديق بن الإمام بن محمد بن الحسن بن نصر،