حسن وراق
++++
• المجلس العسكري الانتقالي قرر تجميد النقابات والاتحادات والهيئات النقابية، ما عدا تنظيم المزارعين بمشروع الجزيرة (جمعية الانتاج الزراعي والحيواني)، أهم تشكيل نقابي حرصت حكومة المخلوع على قيامه وحرص مجلس البرهان العسكري على بقائه وعدم إصدار قرار بحله أو تجميده. ما يحدث من دمار في مشروع الجزيرة ما كان له أن يحدث لولا قيام حكومة المخلوع بالاستعانة بقيادات انتهازية وفاسدة وسط اتحاد المزارعين الذي تم حله لتنشأ عليه تلك الجمعيات التي عارضها جميع المزارعين لعدة أسباب غير أنها جمعيات اختيارية. فالاعتراض ينبع من موقف مبدئي يقوم على التمسك بالاتحاد الذي لا يجوز لأي جهة او سلطة الحق في حله وهو منتزع عنوة من المستعمر ولا يحق لأي جهة فرض اتحاد او تنظيم لا يختاره المزارعون. اتحاد المزارعين تم اختطافه من قبل حكومة الانقاذ ليزيف إرادة المزارعين وعندما استنزفوا أدوار قياداته ارادوا التخلص منهم بحل الاتحاد لأنهم يدركون انه وفي حالة قيام أي انتخابات للمزارعين لن يأتي بالقيادات التي تريدها الحكومة.
• لو أن المجلس العسكري الانتقالي الذي يضيع زمن غالي من حكم البلاد، كان أعضاءه يتابعون ما يجري من فساد لحكم رئيسهم المخلوع وما لحق بالبلاد من انهيار وتدمير خاصة في مشروع الجزيرة وتفاعلوا به لكان أول قراراتهم هي وقف التدهور الذي لحق بالمشروع واعلان خطة إسعافيه عاجلة لإنجاح الموسم الزراعي وقبل كل ذلك حل تنظيم جمعيات مهن الانتاج الزراعي والحيواني بالإضافة الى القاء القبض على كل من تسبب في سرقة وتدمير المشروع. قضية مشروع الجزيرة تكفي بالحكم على حقيقة هذا المجلس العسكري الانتقالي الذي لا يحمل أي رؤية للحكم بل فقط الحفاظ على حياة رئيسهم المخلوع واركان النظام الذي لم يسقط بعد. ما يجرى الآن في مشروع الجزيرة كفيل بتأكيد أن نظام المخلوع لم يسقط بعد وأن المجلس العسكري الانتقالي ما هو إلا امتداد لنظام المخلوع بدون جدال.
• لم يمض شهر على الاطاحة بالمخلوع و كأن شيء لم يكن، ما يزال الفساد يتحدى الثورة والثوار في ظل هيمنة المجلس العسكري الانتقالي، إذ تمارس افظع جرائم الفساد في مشروع الجزيرة من قبل جمعيات الانتاج الزراعي والحيواني بالاستيلاء على مبلغ ۷٥ مليار جنيه عبارة عن حصيلة بيع غابات البان بالمشروع وهذه الغابات تخص اتحاد المزارعين المحلول وبنص القانون لا ينبغي أن تؤول ممتلكات وأموال الاتحاد وهنالك طعن دستوري في تكوين هذه الجمعيات التنظيم الجديد للمزارعين الذي يترأسه عبدالسلام الشامي الذي بدأ عهده ممتثلا لرغبات الحكومة ووالي الجزيرة السابق ،متنكراً لقضايا المزارعين الذين نشطوا في سحب الثقة من تلك القيادات لأسباب كثيرة إلا أن قضية التجاوزات والفساد المتعلق في التصرف غير القانوني ببيع بعض غابات مزارعي المشروع قد فجر قضية سحب الثقة في مواجهة قيادة التنظيم . اتحاد الشامي الذي واجه سحب الثقة كان قد أصدر قرارا بخصم مبلغ ٥۰ جنيه عن كل قنطار قطن بحجة دعم التنمية في ولاية الجزيرة وهذه المليارات من الجنيهات تخصم من مزارعي القطن لصالح حكومة ايلا عبر اتحاد الشامي الذي لم يراع العدل في القرار الذي جعل مزارع القطن هو وحده من يتولى عملية التنمية (المزعومة) في الولاية دون سواه من المزارعين الذين رفضوا القرار بالإجماع وهددوا بعدم زراعة القطن حتى تمكنوا من هزيمة القرار الذي كان وسيلة ماكرة لنهب اموال المزارعين الذين انتصروا على قيادة تنظيم الشامى.
• غابات مشروع الجزيرة واحدة من مصادر (الثراء الحرام) لعدد من قيادات المزارعين وقد شهد المشروع عدد من المخالفات في الغابات التي تغطى مساحة أكثر من ٥۰۰ ألف فدان في الولاية. اما الغابات الخاصة بمشروع الجزيرة تغطي ما نسبته ٥٪ من مساحة المشروع البالغة ۲٫۱ مليون فدان أصبح وجودها فرضا لتحسين بيئة المشروع ومكافحة الجفاف والتصحر ومن مصدات للرياح والاتربة علاوة على ريعها بعد القطع المشروط بفترة زمنية محددة واجراءات صارمة يعود للمزارعين اصحاب الحق والمصلحة. تعرض الحزام الغابي التابع لاتحاد المزارعين الممتد بطول ٦٥۰ كيلومتر وعرض ۲٥ متر من الصحوة جنوب الخرطوم (الحزام الاخضر) حتى منطقة الشوال جنوب الجزيرة للقطع والجفاف ومن ثم بدأ اعادة الاهتمام بالحزام الغابي بالصرف عليه عبر عطاءات البيع لبعض الغابات في كل اقسام المشروع لإعادة التجديد والتوسع في استزراع غابات جديدة وما قام به اتحاد الشامى يعتبر مخالفة واضحة وصريحة في الاضرار بالثروة الغابية والتصرف في اموال المزارعين وتغذية للقطط السمان.
• الآن وداخل جمعيات الانتاج الزراعي والحيواني بدأ الصراع على أشده وانقسمت مجموعة اتخذت اسم تصحيح المسار بنشر الغسيل الوسخ والفساد المزكم للأنوف، قام اتحاد الشامى بمنح كل عضو من أعضاء مجلس ادارة التنظيم مبلغ ٦۷۰ مليون جنيه (بالقديم) وعددهم ۲۱ عضو وذلك من غير تفويض او موافقه من التنظيم. شراء ثلاثة عربات لضباطه الثلاثة اثنان منها تم شراؤهما دون لجنة مشتريات ولاحقا تم تمليكهما واحده للأمين العام والثانية لأمين المال. شرع رئيس المجلس في اختيار ممثلي المزارعين في مجلس ادارة المشروع بمفرده ودون الرجوع الي المجلس والجمعية العمومية كما حدده القانون فاختار نفسه واثنان مقربان منه وقد جعل التنظيم يدور في فلكه متجاوزا القانون والنظم. لأول مرة في تاريخ العمل النقابي يقوم المراجع بتلاوة خطاب الميزانية ويؤكد على صحتها واجازتها في حشد للجمعية العمومية قوامه رجال الامن وليس منهم عضو بالاتحاد.
ما يحدث في المشروع من نهب و سرقة لا يمكن السكوت عليه في ظل صمت المجلس العسكري بالإبقاء على اتحاد الشامي.